استحوذت شركة الجوالات الصينية «هواوي» على عناوين غالبية الأخبار الاقتصادية في الفترة الماضية في ظل إقحامها في خضم الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، واتهامات عدة للشركة بالتجسس وبعدم مراعاة حقوق الملكية الفكرية، غير أن العنصر الخفي في الصدام حول «هواوي» كان في مستقبل صناعة الجوالات، وتحديدا تكنولوجيا الجيل الخامس.نمو سريع فعلى الرغم من أن شبكات الجيل الخامس لا تشكل أي نسبة من سوق الجوال حاليا (بعض الجوالات بها التكنولوجيا ولكن بدون دعم من شبكات التشغيل) إلا أنها ستشكل %15 من السوق في غضون 5 أعوام من الآن، وفقا لتقديرات فوربس». يأتي نمو شبكات الجيل الخامس السريع بينما ستواصل تكنولوجيا الجيل الثالث النمو لتصبح %60 من السوق بدلا من %43 حاليا، بينما ستتقلص تكنولوجيا الجيل الثاني إلى %25 بدلا من %57 الآن، وقد تصبح تكنولوجيا الجيل الخامس أكثر من %45 من السوق بعد 10 أعوام لتصبح تكنولوجيا الشبكات محلا للإحلال والتجديد بسبب الجيل الخامس. والشاهد أن أهمية الجيل الخامس ستتعاظم في ظل انتشارها المنتظر بشكل أسرع في الدول المتقدمة، حيث يُقدر تشكيلها لنصف الشبكات في الولايات المتحدة وأوروبا وحوالي %30 في الصين، بما يعكس تأثيرها الكبير على الاقتصادات الكبرى قبل غيرها. ويشير تقرير لـ«برايس ووتر هاوس كوبرز» إلى أن تكنولوجيا الجيل الخامس تشكل حجر زاوية في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، والذي تقدر مساهمته بحوالي تريليوني دولار في الناتج المحلي العالمي العام الماضي، بينما سترتفع مساهمته إلى 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030.
تطوير إنترنت الأشياء
ولا توجد نسبة قاطعة حول مساهمة الجيل الخامس
للجوالات في ثورة الذكاء الاصطناعي، ولكن تقرير شركة الاستشارات تقدرها بـ10-%15
من مجموع ما تحققه الثورة المعلوماتية والتي ستبلغ %25 من قيمة الناتج المحلي
العالمي تقريبا، وستكون شبكات الجيل الخامس وسيلتها الرئيسية للتحقق والانتشار. بل
ستكون شبكات الجيل الخامس حجر زاوية أيضا في تكنولوجيا إنترنت الأشياء، وهو سوق
نما بين عامي 2017 و2018 بنسبة %37، غير أن تطوره ليشمل السيارات ذاتية القيادة
والمنازل المؤتمتة بالكامل يحتاج الى درجة أعلى من كفاءة الاتصال وهو ما توفره
تكنولوجيا الجيل الخامس. والميزة الرئيسية التي تحوزها «هواوي» في هذا المجال أنها
الشركة الوحيدة التي سبقت في تكنولوجيا الجيل الخامس على كل مستوياتها أو ما يعرف
بـ (end to end)
أي إنها تُصنِّع الجوالات
نفسها والشبكات التي تشغلها والبنية التحتية التكنولوجية اللازمة. بينما الشركات
الأخرى لا تمتلك هذه الرفاهية، فبعضها مثل «سامسونج» تنتج الجوالات فحسب، وبعضها
مثل «إريكسون» تعمل على تكنولوجيا الاتصالات فحسب، بما يمنح «هواوي» ميزة تنافسية
فريدة في هذا المجال، وهو ما ظهر في التقارير التي تشير إلى قرب حصول الشركة
الصينية على تراخيص جوالات الجيل الخامس في أكثر من دولة أوروبية.
كهرباء المستقبل
وترى «فورتشن» أن التخوف الأميركي الرئيسي
المتعلق بـ«هواوي» لا يرتبط بجميع الأسباب الأميركية المعلنة، ولكنه يدور حول تخوف
واشنطن من قيادة بكين –من خلال شركتها العملاقة- لسوق الاتصالات مستقبلا بما سيمنح
الصين ميزة تنافسية لا تضاهى مستقبلا من خلال سوق %100 صيني حتى الآن. ويأتي هذا
في ظل ما أصبحت تكنولوجيا الجيل الخامس تُعرف به بأنها «كهرباء المستقبل» في
الإشارة إلى أنه مثلما كانت الكهرباء الوسيلة الرئيسية لازدهار المرحلة الحالية من
الثورة الصناعية فإن الجيل الخامس ستكون كذلك في المستقبل القريب، وبدلا من توصيل
الطاقة سيتم توصيل المعلومات.
المصدر مجلة القبس
إرسال تعليق